عدد زوار المنتدى
.: عدد زوار المنتدى :.
< SPAN>
المواضيع الأخيرة
لن ننساكم
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 33 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 33 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 689 بتاريخ الجمعة 21 يونيو 2013, 9:15 pm
تهويد القدس .. جريمة تتوالى فصولها !
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تهويد القدس .. جريمة تتوالى فصولها !
السلام عليكم ورحمة الله
كل يوم يمر على مدينة القدس
يحمل معه جديداً يفعله الصهاينة
لتنفيذ خطة تهويدها
ماذا يعنى ذلك ؟
التهويد هو عملية نزع الطابع الإسلامي والمسيحي عن القدس وفرض الطابع الذي يسمي "يهودياً" عليها. وتهويد القدس جزء من عملية تهويد فلسطين ككل. ابتداء من تغيير اسمها إلي "إرتس يسرائيل". مروراً بتزييف تاريخها. وانتهاء بهدم القري العربية وإقامة المستوطنات ودعوة اليهود للاستيطان في فلسطين!
وقد بدأت عملية التهويد منذ عام 1948م . وزادت حدتها واتسع نطاقها منذ يونيو 1967م. وقد ارتكزت السياسة الإسرائيلية علي محاولة تغيير طابع المدينة السكاني والمعماري بشكل بنيوي فاستولت السلطات الإسرائيلية علي معظم الأبنية الكبيرة في المدينة واتبعت أسلوب نسف المنشآت وإزالتها لتحل محلها أخري يهودية. كما قامت بالاستيلاء علي الأراضي التي يمتلكها عرب وطردهم وتوطين صهاينة بدلاً منهم.
يعد التهويد الثقافي والإعلامي أحد المحاور الهامة في مخططات تهويد القدس. ويمس هذا التهويد تراث المدينة بدرجة كبيرة ذلك لأنه التعبير الحي عن هويتها. لذا بات التراث هاجسًا يمس بصورة يومية المقولات اليهودية الدارجة حول المدينة.
بل تحول مؤخراً إلي قلق دائم لدي اليهود. وهم يحاولون من آن لآخر الإجابة علي التساؤلات المطروحة أمامهم حول تاريخ القدس وتراثها ومدي يهوديتها. وللتهويد الثقافي والإعلامي صور شتي. منها التربوي. ومنها ما يمس مفاهيم ماهية القدس وحدودها. ومنها ما يتعلق بتزييف الحقائق التاريخية حول مدي قدسية القدس لدي اليهود ومنها ما يمس حقيقة الهيكل وهل له مكان ثابت مقدس يجب أن يبني فيه؟.
تعتبر التربية عاملاً حيوياً في بث الأفكار والمعتقدات لدي الشعوب. لذا كان اليهود حريصين علي بث ما يؤيد إدعاءاتهم في القدس وفلسطين من خلال المناهج الدراسية وقصص الأطفال ومن ذلك ما يروي في قصة "ديفيد الصغير" بصورة تغرس أصالة الوجود اليهودي .
حيث تروي القصة ما يلي "في ذلك العام. في أورشليم القدس كان ديفيد صغيراً جداً. عندما هدم الرومان وأحرقوا هيكل سليمان الرائع. بناء علي أوامر الامبراطور تيتوس. قام الرومان بالقتل والنهب. وقطع جنودهم بسيوفهم القوية رؤوس الأطفال الصغار. ولم يتركوا إلا بعض الحجارة المنضدة والتي نسميها حائط المبكي" و"بما أن ديفيد الصغير يركض سريعاً. وهو كذلك يتمتع بالدهاء. فقد أفلت من الجلادين الرومان. ابتداء اليهود الذين خرجوا أحياء بالانتشار في العالم. وهذا الهرب في كل يسمي الدياسبورا". "ها هم اليهود دون وطن. لكن ديفيد الصغير يقول العام القادم في أورشليم". "وبعد الرومان جاء الغازاة البيزنطيون. ثم الفرس.
ثم الصليبيون الذين هم فرنسيون وانجليز وألمان. وقالوا بأنهم هنا لتخليص قبر المسيح. كانوا يحملون صلباناً علي صدورهم وعلي سيوفهم. كانوا رهيبين. فقتلوا كثيراً من اليهود. وليبرروا عملهم احتجوا بأنهم لم يميزوا بينهم وبين العرب. ولمدة طويلة جداً كان الاحتلال التركي. وترك الباشاوات اليهود يقبلون حائط المبكي. كما بنوا سوراً جميلاً حول أورشليم. ومازال ديفيد الصغير دون وطن. لكنه يقول العام القادم في أورشاليم".
ولكن هناك بعد آخر وهو إكساب الرؤية اليهودية لمدينة القدس طابعاً علمياً. وهذا يبدو من خلال نشاط الجامعات والمؤسسات الإسرائيلية. فالبرغم من تسليم الأثريين اليهود بفشلهم في العثور علي حجر واحد من أية بناية تنسبها التوراة إلي النبي سليمان علي الرغم من مرور عشرات السنوات من التنقيبات الأثرية الإسرائيلية المكثفة في العديد من المواقع بالقدس. إلا أنه لم يعثر علي شيء ذا بال يؤكد يهودية المدينة.
وينسب اليهود حجر عثر عليه بالقدس نقشت عليه أسماء الشهور بالحروف العبرية القديمة المشتقة من الأبجدية الفينيقية إلي عصر النبي سليمان وحجر آخر تدل نقوشه علي نسبته للنبي حزقياً في قناة مياه خارج القدس. وقد أدت نتائج الحفائر إلي جوار الحرم القدسي عن الكشف عن ثلاثة قصور أموية كانت مخصصة لإقامة الأمراء الأمويين الذين حكموا المدينة وهو ما مثل خيبة أمل كبيرة لدائرة الآثار الإسرائيلية التي تخضع لها المنطقة حالياً فضلاً عن خيبة الجامعة العبرية وجمعية كشف إسرائيل التي قامت بالحفائر.
وكانت الجمعية السابق ذكرها دعمت برنامج بنيامين مازار الأستاذ في الجامعة العبرية والذي وضع مشروعاً للكشف عن الطبقات الدنيا من الهيكل في موضع الحرم القدسي الشريف وبالقرب منه. وهو ما أدي إلي هدم العديد من الآثار الإسلامية في مناطق الحفر. ولم يعثر اليهود علي أي أثر يعتدد به يعود إلي عصر الهيكل المزعوم.
هكذا أتيحت لليهود وللباحثين عن الآثار وفقاً لما جاء في التوراة فرصة ذهبية للبحث عن مملكة إسرائيل في القدس من خلال التنقيبات الأثرية. ولكن نتائج حفائرهم لم تؤد إلي شيء ذات بال. بالرغم من هذا فهم يعطون مشروع إعادة بناء الهيكل اليهودي بعداً علمياً.
فقد أصدرت الجمعية الجغرافية الإسرائيلية عدداً خاصاً من مجلتها العلمية سنة 1996 عن إعادة بناء الهيكل تضمن مقابلة مع مهندس يهودي حول عمارة الهيكل. وأبحاث عن الهيكل الأول والهيكل الثاني. وكذلك النماذج المعاصرة التي وضعت لبناء الهيكل في موضع قبة الصخرة.
ودراسة أثرية مقارنة بين تصور هيكل هيرود وما هو موجود اليوم في الحرم القدسي وينسبه اليهود إلي عمارة هيكل هيرود مثل الأقصى القديم وهو سلسلة من عقود تمثل قبواً أسفل المسجد الأقصى فضلاً عن حائط البراق. وصدور هذا العدد من مجلة علمية معترف بها في الغرب يوحي بجدية وأصالة الادعاءات الإسرائيلية. بل ويستخدم هذا العدد كمرجح للمقالات الصحفية والبرامج التليفزيونية.
بل وامتد الأمر إلي إقامة معارض أثرية تضمنت بعض ما نتج عن حفريات القدس ونسب إلي اليهود بطريق لي ذراع النتائج العلمية. وتسويق هذه المعارض سياحياً يصاحبها أدلة بلغات عديدة. وهو نوع من الدعاية الإعلامية التي تأخذ صبغة علمية "صورة رقم 1".
استعان اليهود بعلم الآثار كوسيلة لتدعيم تصوراتهم حول القدس فاكتشاف الماضي يوفر عاملاً حاسمًا في بناء الهوية السياسية أو تأكيد الحاضر. وهو ما يوفره علم الآثار لليهود. ولذا نراهم يحرصون علي أن تكون جميع الرموز الوطنية الإسرائيلية مستمدة من عناصر ذات طبيعة تراثية. مثل شعار الدولة. والأوسمة والنياشين. وطوابع البريد والنقود.
علي الجانب الآخر مازال العرب مغيبين في مجال الدراسات الأثرية التي تتعلق بفلسطين خاصة في عصور ما قبل التاريخ التي يركز عليها اليهود حالياً لإثبات وجودهم في فلسطين بصفة عامة والقدس بصفة خاصة. بل إن التركيز علي تراث المدينة الإسلامي لم يخرج عن الحرم القدسي. ولذا بات من الملح الاهتمام بهذا المجال كجزء من الخطاب السياسي الإسلامي والعربي الخاص بالقدس.
فوضع خريطة طبوغرافية لتطور عمران القدس من عصور ما قبل التاريخ حتي العصر الحديث أمر حيوي. خاصة إذا أردنا الحديث عن ملكيات الأوقاف الإسلامية في المدينة التي استولت عليها إسرائيل. ومع توافر الوقفيات الأيوبية والمملوكية والعثمانية التي توضح بالتفصيل الدقيق عمران المدينة في هذه العصور وملكيات الأراضي والمباني بها وبالمناطق المحيطة بها والتي أصبحت اليوم جزءًا لا يتجزأ من المدينة. إن هذا العمل لا شك سيكون مفيداً للباحثين وللسياسيين حين حديثهم عن المدينة كجزء من مقدسات وأملاك المسلمين التي لا يجوز التنازل عنها.
تزخر القدس بتراث معماري فريد يبدأ من الحرم القدسي حتي باقي آثار المدينة والتي تتنوع ما بين:
1- بيمارستانات. ومن أشهرها البيمارستان الصلاحي الذي أقامه السلطات صلاح الدين الأيوبي في سنة 583ه/1187م. بعد فتحه للقدس. وقد رحل عن القدس تاركاً القاضي ابن شداد. ليعتني بعمارة البيمارستان. وقد وقفه صلاح الدين علي كافة أبناء القدس ليعالجوا فيه مجاناً. ورتب فيه دروساً لتعليم الطب فيه. وقد تعرض البيماستان إلي زلزال في القرن 9ه/15م. ولم يتبق من البناء الأصلي للبيمارستان إلا جزء بسيط. وهو يستخدم حالياً كبازار.
2- الخانات والأسواق والوكالات. أحصي منها في القدس الدكتور كامل جميل العسلي 16خانًا وهو في حصره يخلط بين الخانات القياسر وهي الأسواق المبنية والوكالات. وهذا الخلط ناتج عن التداخل بين وظائف هذه المنشآت. انتشرت هذه المنشآت بين أحياء المدينة وقد وقف ريعها علي المنشآت الخيرية والدينية بالمدينة. ومن أبرزها قيسارية السلطات التي أنشأها السلطان المملوكي برقوق سنة 788ه. وسوق القطانين الذي شيده الأمير المملوكي تنكز. وهو يقع بالقرب من الحرم القدسي الشريف. وخان الفحم وخان الخاصكية.
3- الحمامات: ومنها حمام عين الشفا وحمام العين وحمام باب الأسباط وحمام السلطان وحمام السيدة....... إلخ.
4- الأسبلة. تنتشر الأسبلة في مدينة القدس. ومن هذه الأسيلة سبيل السلطان قايتباي "صورة رقم 1" الذي يعد أشهر أسبلة القدس. وهو يقع بالقرب من الحرم القدسي. وقد سقف بقبة حجرية رائعة لفتت انتباه الرحالة الأجانب. ومن أسبلة القدس الآخر سبيل باب الناظر وسبيل باب الخليل وسبيل البديري وسبيل باب خان الزيت ودرج الواد وسبيل باب حطة وسبيل السيدة مريم.
5- التكايا. أشهرها تكية خاصكي سلطان. التي شيدتها زوجة السلطان العثماني سليمان القانوني خرم المشهورة بروكسلانا. هذه التكية كانت مجمعاً معمارياً ضخماً ملحقًا به منشآت عديدة منها مدرسة وأماكن لإقامة الصوفية وزوار القدس ومطبخ لإطعام نزلاء التكية وفقراء القدس. ولهذه التكية وقفية باللغة التركية مترجمة إلي اللغة العربية ضمن سجلات محكمة القدس الشرعية.
6- المساجد: كانت المساجد تنتشر في القدس لأداء المسلمين بها الصلوات الخمس. ومن أشهرها مسجد عمر بن الخطاب. هذا المسجد أقيم في الموضع الذي صلي فيه عمر بن الخطاب في القدس. بعد تسلمه المدينة. وكان الخليفة عمر بن الخطاب قد رفض الصلاة في كنيسة القيامة حتى لا يقيم المسلمون مسجداً في المكان الذي يصلي فيه خليفتهم. احتراماً من عمر أماكن العبادة الخاصة بالديانات الأخرى بالمدينة وإقراراً منه بحرية العبادة في المدينة المقدسة من المسيحيين والمسلمين علي حد سواء.
لقد عني المسلمون بهذا الجامع منذ إنشائه. فقد جددوا بناءه في سنة 589ه/1193م. في العصر الأيوبي. وأعادوا بناء مئذنته في سنة 870ه/1465م. في العصر المملوكي. وهي مئذنة مربعة الشكل جميلة التكوين. وهذا المسجد ذو رمزية سياسية عالية إذ أنه يمثل السياسة التي اتبعها المسلمون في المدينة تجاه الديانات الأخري. إلي جانب رمزيته كمكان صلي فيه فاتحو القدس من المسلمين.
7- المدارس. حرص أغنياء المسلمين وحكامهم علي تشييد المدارس في القدس خاصة في الحرم القدسي والمنطقة المجاورة لها. وهذه المدارس كانت تدرس العلوم الشرعية والفلك والرياضيات والحديث الشريف وعلومه. ومن أبرز هذه المدارس المدرسة الأشرفية التي شيدها السلطان قايتباي. المدرسة التنكزية التي شيدها الأمير تنكز الناصري "صورة رقم 2". المدرسة الجاولية التي شيدها الأمير علم الدين سنجر الجاولي.
هذه المنشآت وغيرها كثير بالإضافة إلي كنائس الطوائف المسيحية وأديرتها التي تكتظ بها المدينة. ومنها. كنيسة القيامة التي تضم قبر المسيح والكنائس المقامة علي جوانب طريق الآلام. وللأقباط في القدس العديد من دور العبادة أبرزها دير السلطان. وهو ملاصق لكنيسة القيامة من الناحية الجنوبية الشرقية. وفيه كنيستان كنيسة الملاك. وكنيسة الحيوانات الأربعة.
دير مار أنطونيوس. ويعرف بالدير الكبير وهو ملاصق لكنيسة القيامة من الناحية الشمالية الشرقية. وفيه كنيسة القديس أنطونيوس. وكنيسة الملكة هيلانة. وبالرغم من أن الحج من الشعائر المهمة لدي الأقباط إلا أن الكنيسة القبطية أصدرت قراراً بتحريم أداء هذه الشعيرة طالما أن القدس تحت هيمنة الدولة الصهيونية.
إننا نستطيع من خلال وثائق القدس وآثارها المعمارية التي مازالت باقية إلي اليوم الإسلامية والمسيحية رسم صورة متكاملة للقدس في العصور المختلفة. وتحديد ملكية أراضيها خاصة ما يقع في ملكية الأوقاف منها. ومما يساعد علي ذلك أن الوقفيات وسجلات محكمة القدس الشرعية تحدد حدود كل منشأة وأبعادها والطرق التي تقع عليها ومكوناتها والأراضي التي وقفت عليها إن كانت منشأة دينية أو خيرية أو منشأة اقتصادية تدر ريعاً.
إن هذه الخريطة الطبوغرافية التاريخية ستساعد بلا أدني شك في استرداد الأراضي التي استولت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي. سواء في القدس أو في باقي أراضي فلسطين المحتلة. لقد فهم اليهود أهمية وثائق القدس فقاموا في 18 نوفمبر 1991م بالاستيلاء علي بعضها من مبني المحكمة الشرعية في المدينة.
إن التصور الإسرائيلي يطرح القدس وكأنها مدينة خالية من البشر والعمران. إحدي دور النشر الغربية عكست هذا التصور حين نشرت كتاب ديفيد روبرت "الأرض المقدسة" وديفيد رحالة اسكتلندي رسم العدي من اللوحات لمصر وفلسطين بين عامي 1838 و1839 وسجل مع هذه اللوحات انطباعاته عن الأماكن التي مر بها. وإلي هذا الحد الأمر ليس فيما يثير أي تساؤل إلا أن دار النشر التي أعادت نشر اللوحات عام 1990م وتعليقاتها تمر دون أن ترفق بها سردًا تاريخيًا للأب كروللي لا يمت لعلم الآثار بصلة قدر ما يمت بصلة قوية إلي الرائج من روايات وخرافات العصور الوسطي.
ففي وصفه لا وجود للعرب وإنما هناك التسمية الخطأ التي يتعمد بعض الأوروبيين استخدامها وهي "السرسيون" نسبة إلي السيدة سارة. ولا يرد ذكرهم إلا في سياق أنهم سبب معاناة المدينة المقدسة القدس تلك التي لا ترتفع معاناتها إلا مع سيطرة الصليبيين عليها!
ويستند وصف الأمكنة إلي مخيلة كروللي المستمدة من روايات التوراة علي رغم من إثبات الدراسات الآثارية حديثاً شكوكاً واسعة حول صحة روايات التوراة حتي أن العديد من علماء الآثار الغربيين بدأوا يصرفون النظر عن اعتماد التوراة كمرجع للأبحاث الأثرية في فلسطين لتناقض ما جاء بها مع المكتشفات الأثرية الحديثة.
تصور لوحات ديفيدي روبرت مشاهد من خارج المدن ولا تصور الحياة داخلها "صورة رقم 3. 4. 5". وغالباً حين يصور البشر يصورهم في حالة استرخاء. وتظهر بلوحاته الأرض حول القدس علي سبيل المثال وكأنها صحراء جرداء خالية من العمران والبشر.
هنا تتقدم دار النشر لتقدم لعبة ذكية لخدمة مقولة الأرض الخالية التي روجت لها الصهيونية. بأن أرفقوا مع كل لوحة من لوحات ديفيد صورة فوتوغرافية حديثة للموقع نفسه. وبالمقارنة يظهر الفرق الشاسع بين موقع يكاد يكون صحراوياً في ثلاثينات القرن التاسع عشر وبين الموقع نفسه المحتشد بالعمران في أواخر القرن العشرين. توحي هذه المقارنة بالأيدي البيضاء للصهيونية علي القدس بصفة خاصة وفلسطين بصفة عامة.
الكتاب بهذا المعني صورة أعيدت صياغتها لتلاءم أغراض الحاضر الصهيوني كما يذكر الكاتب الفلسطيني محمد الأسعد. ليس لأن شروحات كروللي تشير إلي "أرض إسرائيل" قبل قيام دولة بهذا الاسم فقط. بل لأن المنحي كله يود أن يقول إن الأرض الخالية التي شاهدها روبرت لم تعد خالية.
وربما لهذا السبب عمد ناشرو الكتاب إلي تصديره بكلمة لعمدة القدس المحتلة تيدي كوليك. وإلي وضع خرائط للأراضي المقدسة تطابق بين الجغرافية الخيالية للتوراة والجغرافيا الطبيعية لفلسطين. هذا الكتاب يمثل واحداً من عشرات الكتب التي يتم بها تغذية الوجدان الثقافي الغربي. وهو نموذج صافي لنظرة ثقافية غربية لا تري في المشهد الثقافي العربي غير مسار التاريخ التوراتي.
الصورة هنا صورة قدس جديدة رأي اليهود أن تشيع في العالم سواء من خلال الكتاب الذي يقدم مسار رحلة الحج التاريخية إلي مسيحي العالم كما رآها رحالة في القرن 19. وكما رأتها دار النشر في القرن العشرين. هذه الصورة هي للقدس عاصمة إسرائيل الأبدية. التي سعي اليهود إلي تكريسها حتي أصبحنا نحن العرب نتقبل جانبًا من هذه المقولات كحقيقة صادقة لا تقبل النقاش. فالقول بوجود قدسين شرقية وغربية. أشبه بالهراء.
إذ لا توجد سوي قدس واحدة. هي المدينة القديمة وضواحيها. التي هي عاصمة فلسطين المحتلة. ومنشأ شيوع هذا الخطأ السياسيون ووسلاء الإعلام. إذ كانت القدس حتى عام 1917م. ومنذ ذلك التاريخ بدأت الهوية العربية للقدس في التغير خلال فترة الانتداب البريطاني الذي منحته عصبة الأمم لبريطانيا في عام 1922 علي فلسطين. وترتب علي ذلك زيادة هجرة اليهود لفلسطين. وبدأت ديموغرافية القدس في التغير.
وتضاعف عدد اليهود فيها في الفترة من 1917 إلي 1948م ليقفز من ثلاثين ألفاً إلي حوالي مائة ألف بنهاية فترة الانتداب. اغتصب اليهود القدس علي مرحلتين في المرحلة الأولي عام 1948م استولوا علي القدس الجديدة وضموا إليها المدن العربية المحيطة بها. كان يسكن هذه المدينة فلسطينيون عرب ويهود.
وقد سكنت الأغلبية من أهالي القدس العرب في خمس عشرة ضاحية سكنية في القدس الجديدة وامتلكت ثلاثة أرباع أراضيها ومبانيها. وكانت المناطق العربية تفتقر إلي الحماية تماماً ولذا احتلت إسرائيل ثلاث عشرة ضاحية منها وبذا يكون من الخطأ أن نتصور أن اليهود في 1948 استولوا علي الجزء الغربي اليهودي من المدينة بينما فرض العرب سيادتهم علي الجزء العربي.
كل يوم يمر على مدينة القدس
يحمل معه جديداً يفعله الصهاينة
لتنفيذ خطة تهويدها
ماذا يعنى ذلك ؟
التهويد هو عملية نزع الطابع الإسلامي والمسيحي عن القدس وفرض الطابع الذي يسمي "يهودياً" عليها. وتهويد القدس جزء من عملية تهويد فلسطين ككل. ابتداء من تغيير اسمها إلي "إرتس يسرائيل". مروراً بتزييف تاريخها. وانتهاء بهدم القري العربية وإقامة المستوطنات ودعوة اليهود للاستيطان في فلسطين!
وقد بدأت عملية التهويد منذ عام 1948م . وزادت حدتها واتسع نطاقها منذ يونيو 1967م. وقد ارتكزت السياسة الإسرائيلية علي محاولة تغيير طابع المدينة السكاني والمعماري بشكل بنيوي فاستولت السلطات الإسرائيلية علي معظم الأبنية الكبيرة في المدينة واتبعت أسلوب نسف المنشآت وإزالتها لتحل محلها أخري يهودية. كما قامت بالاستيلاء علي الأراضي التي يمتلكها عرب وطردهم وتوطين صهاينة بدلاً منهم.
يعد التهويد الثقافي والإعلامي أحد المحاور الهامة في مخططات تهويد القدس. ويمس هذا التهويد تراث المدينة بدرجة كبيرة ذلك لأنه التعبير الحي عن هويتها. لذا بات التراث هاجسًا يمس بصورة يومية المقولات اليهودية الدارجة حول المدينة.
بل تحول مؤخراً إلي قلق دائم لدي اليهود. وهم يحاولون من آن لآخر الإجابة علي التساؤلات المطروحة أمامهم حول تاريخ القدس وتراثها ومدي يهوديتها. وللتهويد الثقافي والإعلامي صور شتي. منها التربوي. ومنها ما يمس مفاهيم ماهية القدس وحدودها. ومنها ما يتعلق بتزييف الحقائق التاريخية حول مدي قدسية القدس لدي اليهود ومنها ما يمس حقيقة الهيكل وهل له مكان ثابت مقدس يجب أن يبني فيه؟.
تعتبر التربية عاملاً حيوياً في بث الأفكار والمعتقدات لدي الشعوب. لذا كان اليهود حريصين علي بث ما يؤيد إدعاءاتهم في القدس وفلسطين من خلال المناهج الدراسية وقصص الأطفال ومن ذلك ما يروي في قصة "ديفيد الصغير" بصورة تغرس أصالة الوجود اليهودي .
حيث تروي القصة ما يلي "في ذلك العام. في أورشليم القدس كان ديفيد صغيراً جداً. عندما هدم الرومان وأحرقوا هيكل سليمان الرائع. بناء علي أوامر الامبراطور تيتوس. قام الرومان بالقتل والنهب. وقطع جنودهم بسيوفهم القوية رؤوس الأطفال الصغار. ولم يتركوا إلا بعض الحجارة المنضدة والتي نسميها حائط المبكي" و"بما أن ديفيد الصغير يركض سريعاً. وهو كذلك يتمتع بالدهاء. فقد أفلت من الجلادين الرومان. ابتداء اليهود الذين خرجوا أحياء بالانتشار في العالم. وهذا الهرب في كل يسمي الدياسبورا". "ها هم اليهود دون وطن. لكن ديفيد الصغير يقول العام القادم في أورشليم". "وبعد الرومان جاء الغازاة البيزنطيون. ثم الفرس.
ثم الصليبيون الذين هم فرنسيون وانجليز وألمان. وقالوا بأنهم هنا لتخليص قبر المسيح. كانوا يحملون صلباناً علي صدورهم وعلي سيوفهم. كانوا رهيبين. فقتلوا كثيراً من اليهود. وليبرروا عملهم احتجوا بأنهم لم يميزوا بينهم وبين العرب. ولمدة طويلة جداً كان الاحتلال التركي. وترك الباشاوات اليهود يقبلون حائط المبكي. كما بنوا سوراً جميلاً حول أورشليم. ومازال ديفيد الصغير دون وطن. لكنه يقول العام القادم في أورشاليم".
ولكن هناك بعد آخر وهو إكساب الرؤية اليهودية لمدينة القدس طابعاً علمياً. وهذا يبدو من خلال نشاط الجامعات والمؤسسات الإسرائيلية. فالبرغم من تسليم الأثريين اليهود بفشلهم في العثور علي حجر واحد من أية بناية تنسبها التوراة إلي النبي سليمان علي الرغم من مرور عشرات السنوات من التنقيبات الأثرية الإسرائيلية المكثفة في العديد من المواقع بالقدس. إلا أنه لم يعثر علي شيء ذا بال يؤكد يهودية المدينة.
وينسب اليهود حجر عثر عليه بالقدس نقشت عليه أسماء الشهور بالحروف العبرية القديمة المشتقة من الأبجدية الفينيقية إلي عصر النبي سليمان وحجر آخر تدل نقوشه علي نسبته للنبي حزقياً في قناة مياه خارج القدس. وقد أدت نتائج الحفائر إلي جوار الحرم القدسي عن الكشف عن ثلاثة قصور أموية كانت مخصصة لإقامة الأمراء الأمويين الذين حكموا المدينة وهو ما مثل خيبة أمل كبيرة لدائرة الآثار الإسرائيلية التي تخضع لها المنطقة حالياً فضلاً عن خيبة الجامعة العبرية وجمعية كشف إسرائيل التي قامت بالحفائر.
وكانت الجمعية السابق ذكرها دعمت برنامج بنيامين مازار الأستاذ في الجامعة العبرية والذي وضع مشروعاً للكشف عن الطبقات الدنيا من الهيكل في موضع الحرم القدسي الشريف وبالقرب منه. وهو ما أدي إلي هدم العديد من الآثار الإسلامية في مناطق الحفر. ولم يعثر اليهود علي أي أثر يعتدد به يعود إلي عصر الهيكل المزعوم.
هكذا أتيحت لليهود وللباحثين عن الآثار وفقاً لما جاء في التوراة فرصة ذهبية للبحث عن مملكة إسرائيل في القدس من خلال التنقيبات الأثرية. ولكن نتائج حفائرهم لم تؤد إلي شيء ذات بال. بالرغم من هذا فهم يعطون مشروع إعادة بناء الهيكل اليهودي بعداً علمياً.
فقد أصدرت الجمعية الجغرافية الإسرائيلية عدداً خاصاً من مجلتها العلمية سنة 1996 عن إعادة بناء الهيكل تضمن مقابلة مع مهندس يهودي حول عمارة الهيكل. وأبحاث عن الهيكل الأول والهيكل الثاني. وكذلك النماذج المعاصرة التي وضعت لبناء الهيكل في موضع قبة الصخرة.
ودراسة أثرية مقارنة بين تصور هيكل هيرود وما هو موجود اليوم في الحرم القدسي وينسبه اليهود إلي عمارة هيكل هيرود مثل الأقصى القديم وهو سلسلة من عقود تمثل قبواً أسفل المسجد الأقصى فضلاً عن حائط البراق. وصدور هذا العدد من مجلة علمية معترف بها في الغرب يوحي بجدية وأصالة الادعاءات الإسرائيلية. بل ويستخدم هذا العدد كمرجح للمقالات الصحفية والبرامج التليفزيونية.
بل وامتد الأمر إلي إقامة معارض أثرية تضمنت بعض ما نتج عن حفريات القدس ونسب إلي اليهود بطريق لي ذراع النتائج العلمية. وتسويق هذه المعارض سياحياً يصاحبها أدلة بلغات عديدة. وهو نوع من الدعاية الإعلامية التي تأخذ صبغة علمية "صورة رقم 1".
استعان اليهود بعلم الآثار كوسيلة لتدعيم تصوراتهم حول القدس فاكتشاف الماضي يوفر عاملاً حاسمًا في بناء الهوية السياسية أو تأكيد الحاضر. وهو ما يوفره علم الآثار لليهود. ولذا نراهم يحرصون علي أن تكون جميع الرموز الوطنية الإسرائيلية مستمدة من عناصر ذات طبيعة تراثية. مثل شعار الدولة. والأوسمة والنياشين. وطوابع البريد والنقود.
علي الجانب الآخر مازال العرب مغيبين في مجال الدراسات الأثرية التي تتعلق بفلسطين خاصة في عصور ما قبل التاريخ التي يركز عليها اليهود حالياً لإثبات وجودهم في فلسطين بصفة عامة والقدس بصفة خاصة. بل إن التركيز علي تراث المدينة الإسلامي لم يخرج عن الحرم القدسي. ولذا بات من الملح الاهتمام بهذا المجال كجزء من الخطاب السياسي الإسلامي والعربي الخاص بالقدس.
فوضع خريطة طبوغرافية لتطور عمران القدس من عصور ما قبل التاريخ حتي العصر الحديث أمر حيوي. خاصة إذا أردنا الحديث عن ملكيات الأوقاف الإسلامية في المدينة التي استولت عليها إسرائيل. ومع توافر الوقفيات الأيوبية والمملوكية والعثمانية التي توضح بالتفصيل الدقيق عمران المدينة في هذه العصور وملكيات الأراضي والمباني بها وبالمناطق المحيطة بها والتي أصبحت اليوم جزءًا لا يتجزأ من المدينة. إن هذا العمل لا شك سيكون مفيداً للباحثين وللسياسيين حين حديثهم عن المدينة كجزء من مقدسات وأملاك المسلمين التي لا يجوز التنازل عنها.
تزخر القدس بتراث معماري فريد يبدأ من الحرم القدسي حتي باقي آثار المدينة والتي تتنوع ما بين:
1- بيمارستانات. ومن أشهرها البيمارستان الصلاحي الذي أقامه السلطات صلاح الدين الأيوبي في سنة 583ه/1187م. بعد فتحه للقدس. وقد رحل عن القدس تاركاً القاضي ابن شداد. ليعتني بعمارة البيمارستان. وقد وقفه صلاح الدين علي كافة أبناء القدس ليعالجوا فيه مجاناً. ورتب فيه دروساً لتعليم الطب فيه. وقد تعرض البيماستان إلي زلزال في القرن 9ه/15م. ولم يتبق من البناء الأصلي للبيمارستان إلا جزء بسيط. وهو يستخدم حالياً كبازار.
2- الخانات والأسواق والوكالات. أحصي منها في القدس الدكتور كامل جميل العسلي 16خانًا وهو في حصره يخلط بين الخانات القياسر وهي الأسواق المبنية والوكالات. وهذا الخلط ناتج عن التداخل بين وظائف هذه المنشآت. انتشرت هذه المنشآت بين أحياء المدينة وقد وقف ريعها علي المنشآت الخيرية والدينية بالمدينة. ومن أبرزها قيسارية السلطات التي أنشأها السلطان المملوكي برقوق سنة 788ه. وسوق القطانين الذي شيده الأمير المملوكي تنكز. وهو يقع بالقرب من الحرم القدسي الشريف. وخان الفحم وخان الخاصكية.
3- الحمامات: ومنها حمام عين الشفا وحمام العين وحمام باب الأسباط وحمام السلطان وحمام السيدة....... إلخ.
4- الأسبلة. تنتشر الأسبلة في مدينة القدس. ومن هذه الأسيلة سبيل السلطان قايتباي "صورة رقم 1" الذي يعد أشهر أسبلة القدس. وهو يقع بالقرب من الحرم القدسي. وقد سقف بقبة حجرية رائعة لفتت انتباه الرحالة الأجانب. ومن أسبلة القدس الآخر سبيل باب الناظر وسبيل باب الخليل وسبيل البديري وسبيل باب خان الزيت ودرج الواد وسبيل باب حطة وسبيل السيدة مريم.
5- التكايا. أشهرها تكية خاصكي سلطان. التي شيدتها زوجة السلطان العثماني سليمان القانوني خرم المشهورة بروكسلانا. هذه التكية كانت مجمعاً معمارياً ضخماً ملحقًا به منشآت عديدة منها مدرسة وأماكن لإقامة الصوفية وزوار القدس ومطبخ لإطعام نزلاء التكية وفقراء القدس. ولهذه التكية وقفية باللغة التركية مترجمة إلي اللغة العربية ضمن سجلات محكمة القدس الشرعية.
6- المساجد: كانت المساجد تنتشر في القدس لأداء المسلمين بها الصلوات الخمس. ومن أشهرها مسجد عمر بن الخطاب. هذا المسجد أقيم في الموضع الذي صلي فيه عمر بن الخطاب في القدس. بعد تسلمه المدينة. وكان الخليفة عمر بن الخطاب قد رفض الصلاة في كنيسة القيامة حتى لا يقيم المسلمون مسجداً في المكان الذي يصلي فيه خليفتهم. احتراماً من عمر أماكن العبادة الخاصة بالديانات الأخرى بالمدينة وإقراراً منه بحرية العبادة في المدينة المقدسة من المسيحيين والمسلمين علي حد سواء.
لقد عني المسلمون بهذا الجامع منذ إنشائه. فقد جددوا بناءه في سنة 589ه/1193م. في العصر الأيوبي. وأعادوا بناء مئذنته في سنة 870ه/1465م. في العصر المملوكي. وهي مئذنة مربعة الشكل جميلة التكوين. وهذا المسجد ذو رمزية سياسية عالية إذ أنه يمثل السياسة التي اتبعها المسلمون في المدينة تجاه الديانات الأخري. إلي جانب رمزيته كمكان صلي فيه فاتحو القدس من المسلمين.
7- المدارس. حرص أغنياء المسلمين وحكامهم علي تشييد المدارس في القدس خاصة في الحرم القدسي والمنطقة المجاورة لها. وهذه المدارس كانت تدرس العلوم الشرعية والفلك والرياضيات والحديث الشريف وعلومه. ومن أبرز هذه المدارس المدرسة الأشرفية التي شيدها السلطان قايتباي. المدرسة التنكزية التي شيدها الأمير تنكز الناصري "صورة رقم 2". المدرسة الجاولية التي شيدها الأمير علم الدين سنجر الجاولي.
هذه المنشآت وغيرها كثير بالإضافة إلي كنائس الطوائف المسيحية وأديرتها التي تكتظ بها المدينة. ومنها. كنيسة القيامة التي تضم قبر المسيح والكنائس المقامة علي جوانب طريق الآلام. وللأقباط في القدس العديد من دور العبادة أبرزها دير السلطان. وهو ملاصق لكنيسة القيامة من الناحية الجنوبية الشرقية. وفيه كنيستان كنيسة الملاك. وكنيسة الحيوانات الأربعة.
دير مار أنطونيوس. ويعرف بالدير الكبير وهو ملاصق لكنيسة القيامة من الناحية الشمالية الشرقية. وفيه كنيسة القديس أنطونيوس. وكنيسة الملكة هيلانة. وبالرغم من أن الحج من الشعائر المهمة لدي الأقباط إلا أن الكنيسة القبطية أصدرت قراراً بتحريم أداء هذه الشعيرة طالما أن القدس تحت هيمنة الدولة الصهيونية.
إننا نستطيع من خلال وثائق القدس وآثارها المعمارية التي مازالت باقية إلي اليوم الإسلامية والمسيحية رسم صورة متكاملة للقدس في العصور المختلفة. وتحديد ملكية أراضيها خاصة ما يقع في ملكية الأوقاف منها. ومما يساعد علي ذلك أن الوقفيات وسجلات محكمة القدس الشرعية تحدد حدود كل منشأة وأبعادها والطرق التي تقع عليها ومكوناتها والأراضي التي وقفت عليها إن كانت منشأة دينية أو خيرية أو منشأة اقتصادية تدر ريعاً.
إن هذه الخريطة الطبوغرافية التاريخية ستساعد بلا أدني شك في استرداد الأراضي التي استولت عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي. سواء في القدس أو في باقي أراضي فلسطين المحتلة. لقد فهم اليهود أهمية وثائق القدس فقاموا في 18 نوفمبر 1991م بالاستيلاء علي بعضها من مبني المحكمة الشرعية في المدينة.
إن التصور الإسرائيلي يطرح القدس وكأنها مدينة خالية من البشر والعمران. إحدي دور النشر الغربية عكست هذا التصور حين نشرت كتاب ديفيد روبرت "الأرض المقدسة" وديفيد رحالة اسكتلندي رسم العدي من اللوحات لمصر وفلسطين بين عامي 1838 و1839 وسجل مع هذه اللوحات انطباعاته عن الأماكن التي مر بها. وإلي هذا الحد الأمر ليس فيما يثير أي تساؤل إلا أن دار النشر التي أعادت نشر اللوحات عام 1990م وتعليقاتها تمر دون أن ترفق بها سردًا تاريخيًا للأب كروللي لا يمت لعلم الآثار بصلة قدر ما يمت بصلة قوية إلي الرائج من روايات وخرافات العصور الوسطي.
ففي وصفه لا وجود للعرب وإنما هناك التسمية الخطأ التي يتعمد بعض الأوروبيين استخدامها وهي "السرسيون" نسبة إلي السيدة سارة. ولا يرد ذكرهم إلا في سياق أنهم سبب معاناة المدينة المقدسة القدس تلك التي لا ترتفع معاناتها إلا مع سيطرة الصليبيين عليها!
ويستند وصف الأمكنة إلي مخيلة كروللي المستمدة من روايات التوراة علي رغم من إثبات الدراسات الآثارية حديثاً شكوكاً واسعة حول صحة روايات التوراة حتي أن العديد من علماء الآثار الغربيين بدأوا يصرفون النظر عن اعتماد التوراة كمرجع للأبحاث الأثرية في فلسطين لتناقض ما جاء بها مع المكتشفات الأثرية الحديثة.
تصور لوحات ديفيدي روبرت مشاهد من خارج المدن ولا تصور الحياة داخلها "صورة رقم 3. 4. 5". وغالباً حين يصور البشر يصورهم في حالة استرخاء. وتظهر بلوحاته الأرض حول القدس علي سبيل المثال وكأنها صحراء جرداء خالية من العمران والبشر.
هنا تتقدم دار النشر لتقدم لعبة ذكية لخدمة مقولة الأرض الخالية التي روجت لها الصهيونية. بأن أرفقوا مع كل لوحة من لوحات ديفيد صورة فوتوغرافية حديثة للموقع نفسه. وبالمقارنة يظهر الفرق الشاسع بين موقع يكاد يكون صحراوياً في ثلاثينات القرن التاسع عشر وبين الموقع نفسه المحتشد بالعمران في أواخر القرن العشرين. توحي هذه المقارنة بالأيدي البيضاء للصهيونية علي القدس بصفة خاصة وفلسطين بصفة عامة.
الكتاب بهذا المعني صورة أعيدت صياغتها لتلاءم أغراض الحاضر الصهيوني كما يذكر الكاتب الفلسطيني محمد الأسعد. ليس لأن شروحات كروللي تشير إلي "أرض إسرائيل" قبل قيام دولة بهذا الاسم فقط. بل لأن المنحي كله يود أن يقول إن الأرض الخالية التي شاهدها روبرت لم تعد خالية.
وربما لهذا السبب عمد ناشرو الكتاب إلي تصديره بكلمة لعمدة القدس المحتلة تيدي كوليك. وإلي وضع خرائط للأراضي المقدسة تطابق بين الجغرافية الخيالية للتوراة والجغرافيا الطبيعية لفلسطين. هذا الكتاب يمثل واحداً من عشرات الكتب التي يتم بها تغذية الوجدان الثقافي الغربي. وهو نموذج صافي لنظرة ثقافية غربية لا تري في المشهد الثقافي العربي غير مسار التاريخ التوراتي.
الصورة هنا صورة قدس جديدة رأي اليهود أن تشيع في العالم سواء من خلال الكتاب الذي يقدم مسار رحلة الحج التاريخية إلي مسيحي العالم كما رآها رحالة في القرن 19. وكما رأتها دار النشر في القرن العشرين. هذه الصورة هي للقدس عاصمة إسرائيل الأبدية. التي سعي اليهود إلي تكريسها حتي أصبحنا نحن العرب نتقبل جانبًا من هذه المقولات كحقيقة صادقة لا تقبل النقاش. فالقول بوجود قدسين شرقية وغربية. أشبه بالهراء.
إذ لا توجد سوي قدس واحدة. هي المدينة القديمة وضواحيها. التي هي عاصمة فلسطين المحتلة. ومنشأ شيوع هذا الخطأ السياسيون ووسلاء الإعلام. إذ كانت القدس حتى عام 1917م. ومنذ ذلك التاريخ بدأت الهوية العربية للقدس في التغير خلال فترة الانتداب البريطاني الذي منحته عصبة الأمم لبريطانيا في عام 1922 علي فلسطين. وترتب علي ذلك زيادة هجرة اليهود لفلسطين. وبدأت ديموغرافية القدس في التغير.
وتضاعف عدد اليهود فيها في الفترة من 1917 إلي 1948م ليقفز من ثلاثين ألفاً إلي حوالي مائة ألف بنهاية فترة الانتداب. اغتصب اليهود القدس علي مرحلتين في المرحلة الأولي عام 1948م استولوا علي القدس الجديدة وضموا إليها المدن العربية المحيطة بها. كان يسكن هذه المدينة فلسطينيون عرب ويهود.
وقد سكنت الأغلبية من أهالي القدس العرب في خمس عشرة ضاحية سكنية في القدس الجديدة وامتلكت ثلاثة أرباع أراضيها ومبانيها. وكانت المناطق العربية تفتقر إلي الحماية تماماً ولذا احتلت إسرائيل ثلاث عشرة ضاحية منها وبذا يكون من الخطأ أن نتصور أن اليهود في 1948 استولوا علي الجزء الغربي اليهودي من المدينة بينما فرض العرب سيادتهم علي الجزء العربي.
عائدة الى حيفا- الإدارة
- عدد المساهمات : 1246
الرصيد : 1948
أعجبني : 1
تاريخ التسجيل : 09/08/2010
العمر : 52
رقم العضوية : 7
رد: تهويد القدس .. جريمة تتوالى فصولها !
مشكوره عائده
موضوعك مميز وفي غاية الروعه
يعطيكي الف عافيه
موضوعك مميز وفي غاية الروعه
يعطيكي الف عافيه
الوتر الحزين- مشرف
- عدد المساهمات : 573
الرصيد : 611
أعجبني : 2
تاريخ التسجيل : 24/08/2010
العمر : 36
رقم العضوية : 47
رد: تهويد القدس .. جريمة تتوالى فصولها !
الله يعافي قلبك الوتر الحزين شكراً كتير لمرورك الحلو نورت
عائدة الى حيفا- الإدارة
- عدد المساهمات : 1246
الرصيد : 1948
أعجبني : 1
تاريخ التسجيل : 09/08/2010
العمر : 52
رقم العضوية : 7
رد: تهويد القدس .. جريمة تتوالى فصولها !
كلامك كله صحيح
يعطيك العافيه
ننتظر جديدكـ
يعطيك العافيه
ننتظر جديدكـ
عاشقه فلسطين- الإدارة
- عدد المساهمات : 3160
الرصيد : 4000
أعجبني : 10
تاريخ التسجيل : 17/08/2010
العمر : 29
العمل/الترفيه : طــــــــــالبه
رقم العضوية : 24
رد: تهويد القدس .. جريمة تتوالى فصولها !
شكرا كتير لمرورك نورت الصفحة
عائدة الى حيفا- الإدارة
- عدد المساهمات : 1246
الرصيد : 1948
أعجبني : 1
تاريخ التسجيل : 09/08/2010
العمر : 52
رقم العضوية : 7
رد: تهويد القدس .. جريمة تتوالى فصولها !
شكرا الك كتير اختي عائدة على روائع ما قدمتي من معلومات
إذ لا توجد سوى قدس واحدة. هي المدينة القديمة وضواحيها. التي هي عاصمة فلسطين
إذ لا توجد سوى قدس واحدة. هي المدينة القديمة وضواحيها. التي هي عاصمة فلسطين
ورود الحياه- عضوVIP
- عدد المساهمات : 5770
الرصيد : 7462
أعجبني : 26
تاريخ التسجيل : 18/08/2010
العمر : 30
العمل/الترفيه : طالبه
رقم العضوية : 27
رد: تهويد القدس .. جريمة تتوالى فصولها !
مشكوره اختي على الموضوع الجميل يسلموو ايدكي يعطيكي الف العا فيه الى الاامام ان شاء الله بالتوفيق دائما :flower:
دموع فلسطين- عضوفعال
- عدد المساهمات : 309
الرصيد : 318
أعجبني : 3
تاريخ التسجيل : 16/09/2010
العمر : 28
رقم العضوية : 118
مواضيع مماثلة
» عكا تواجه مشروع تهويد جديدا
» جريمة .. ق ق ج \ بقلم أحمد قدورة
» 7 آلاف جريمة في الكيان الصهيوني عام 2009!!
» الأطفال اليمنيين ، لغز مجهول، جريمة مباحة
» من قرى القدس ...
» جريمة .. ق ق ج \ بقلم أحمد قدورة
» 7 آلاف جريمة في الكيان الصهيوني عام 2009!!
» الأطفال اليمنيين ، لغز مجهول، جريمة مباحة
» من قرى القدس ...
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 15 مايو 2016, 8:53 pm من طرف قلوب دافئه
» لماذا عُرج برسول الله من المسجد الأقصى ولم يُعرج به من المسجد الحرام
الأربعاء 16 مارس 2016, 12:33 am من طرف قلوب دافئه
» الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأحد 20 ديسمبر 2015, 1:06 am من طرف قلوب دافئه
» ضرب الأطفال
الأربعاء 25 نوفمبر 2015, 9:03 am من طرف قلوب دافئه
» الأدب فى رياض الصالحين
الإثنين 19 أكتوبر 2015, 11:13 am من طرف قلوب دافئه
» الصبر والأمانة باب القرب والعطاء
السبت 12 سبتمبر 2015, 3:54 pm من طرف قلوب دافئه
» إصلاح وتربية المجتمع بإصلاح قلوب أهله
الإثنين 17 أغسطس 2015, 11:23 pm من طرف قلوب دافئه
» احكام الفدية على المريض فى رمضان ومتى تجب عليه
الأحد 21 يونيو 2015, 12:04 am من طرف قلوب دافئه
» رؤية هلال رمضان
الإثنين 08 يونيو 2015, 4:46 pm من طرف قلوب دافئه
» ولم يك رب العرش فوق سمائه تنزّة عن كيف وعن برهان
الثلاثاء 02 يونيو 2015, 12:02 pm من طرف المحب لفلسطين
» لماذا عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى ولم يعرج به من المسجد الحرام
الثلاثاء 26 مايو 2015, 10:05 am من طرف قلوب دافئه
» لماذا طلب داعى اليهود والنصارى وإبليس نظره من رسول الله فى الإسراء والمعراج
السبت 16 مايو 2015, 8:27 am من طرف قلوب دافئه
» لماذا اختص الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالإسراء والمعراج دون باقى الأنبياء
الإثنين 04 مايو 2015, 6:26 am من طرف قلوب دافئه
» تحميل كتاب إشراقات الإسراء
الخميس 16 أبريل 2015, 12:30 am من طرف قلوب دافئه
» اختبار الغضب
الأحد 29 مارس 2015, 1:50 pm من طرف قلوب دافئه