اه من دمعة جدي

من طرف **خالد قدورة** الثلاثاء 04 يناير 2011, 7:47 am

كانت تسكن بدفء بين احضان ذكرياتها و فجات بدات تجهز اغراضها للرحيل و راحت تغلق حقائبها مسرعة تكاد تطير من الفرح حيث ارتدت اجمل اثوابها و حملت بين يديها صورا رسمتها من حكايات امها قبل النوم احدى لتلك البارات التي طالما سمعت عنها و اخرى لاشجار السنديان و الزيتون و البيت القديم الذي حمل الحنان بين جنباته اخذت زوادتها و قليلا من ماء الشرب و راحت تتراقص على الطريق تغني و تنشد اهازيج الاطفال ايام العيد في رحلة نحو المجهول , و في الطريق و بينما هي جالسة لتستريح مرت بها احدى صديقاتها سائلة اياها عن تلك الرحلة المفاجئة فاجابتها و الفرح يتطاير من عينيها : الى الجنة الى حيث الفرح و الامل الى الارض التي حلمت ان المس ترابها الى الاشجار التي حلمت ان العب بين افنائها الى كل حكايات و ذكريات امي الحبيبة و على الفور قبلت صديقتها و راحت تشق طريقها مسرعة و من بعيد شاهدت العديد من الاضواء الكثيفة و الاسلاك الشائكة و هناك وقف حياء حرس الحدود بقامته الطولة و منكبيه العريضين و على الفور صاح من بعيد و هو مقطب الجبين : من هناك

ارتجفت من شدة خوفها و تقلت مكانها و راتحت تنظر حولها .

حياء : من انت و اين جواز سفرك

اجابت بصوت هافت : لقد رحلت من بيتي بعد زلزال عنيف و انا هنا لاسافر الى تلك الارض التي حدثتني عنها امي

حياء بصوت اجش : الا تعلمين انه لا يمكنك المغادرة الا بجواز و تصريح

انحت على قدميها وقالت مرتجفة : الا تذكر الزلزال الكبير الذي عصف بارضنا منذ عام 48 حيث فقدنا الكثير من المنازل وراحت ضحيته الاقارب و الاهل و الاصدقاء

فاجابها حياء بقليل من العطف : اذكر و من حينها اصبحنا نتخذ تلك الاجراءات الصارمة للخروج

و بينما هما يتجادلان عصف سيل بالمكان دفعهما خارجا فراحت تتساقط بين الاودية و التلال و هي ترى من بعيد صور لبيوت طينية و و الواح اسمنتية فهي ليست الارض التي احترقت في ذاكرتها ليست تلك البيارات و الاودية

تلك هي الدمعة التي احتضنها جدي في صفد و نمت لتسقط في مخيم النيرت مغبرة مثقلة بالهموم محملة بذكريات الوطن الجميل

رحم الله جدي وجدك يا خالد

وأعادنا إلى أوطاننا يا رب

هذه الخاطرة التي كتب من أجمل ما قرأت

أهلاً بالقلم الصادق

أهلاً بالمشاعر النبيلة

أشد على يديك

وأربط على قلبك

فسر رعاك الله

أخوك نسر الجليل