الشقيقان جليل وفضيل خليل خوري يرويان قِصّة هدم ترشيحا ومحاولة محوها من الوجود

قرية ترشيحا من القرى التي تعرّضت عام 1948 لقصف مدفعي وجوي مكثف، وكان مخطّّط الاحتلال الصهيوني في ذلك الوقت هدم القرية وتهجير أهلها لولا فِطْنَة ووعي مواطنيها وإصرارهم على البقاء فيها وعدم الرحيل عنها.

ومن المعروف أن أحد من كان له الفضل في إقناع المواطنين بالبقاء وعدم الرحيل هو المرحوم الخوري خليل خوري عبليني.

في حلقة اليوم، التقيت مع ابنيه جليل خليل خوري (أبو فادي) 71 عاماً، وفضيل خليل خوري (أبو سلام) 69 عاماً.

الكابْري تْعَمَّرت لَلّي بِشْتِغلوا بالأجارْ في أرض ترشيحا

بادر أبو فادي بالحديث وقال: كانت تَرشيحا في الـ 48 تُملُكْ 64 ألف دونم، وتِصَلْ أراضيها لساحِلْ البحر والزيب.. الكابْري تْعَمَّرت للي بِشْتِغلوا بالأجارْ في أرض ترشيحا من قَدّْ ما كانت وْسيعَة، لأنّو ما كان في سيّارات وكانت الناس تسافر عالحمير.. بَعدينْ مع الوقت كِبْرِتْ الكابْري وصارت بلد. اليوم بِتشوف ترشيحا مْطَوَّقَة من كل الجهات بِالمستَوطناتْ وراحت كل أرضْها.

اشتَبَكوا اليهود مع سِرِيِّة مقاتِلينْ حوالي ميتْ شَبّْ من أحسن شباب ترشيحا

ترشيحا كان عليها العين من قبل اليهود، لأن المقاومِة فيها شديدِة، وعلى ما أذكُر إنّو أهالي ترشيحا شاركوا في معركِة الكابري، والضابِط اللي قادها عَربي سوري وكان مرْكِزو في ترشيحا.. أجوا المقاتلين من مختلف القرى أخذوه مِن لِكنيسِة (ليلِة السْرير) في عيد الفصح، ونِزْلوا رَبَطوا لقافْلِة اليهود على مفرق الكابري وقتلوا منها أكثر من تسعين جندي. بعدين صارت دوسِة ترشيحا سودا أكثر لَمّا أجوا اليهود من جدين وهجموا على ترشيحا والشمس كانت بْعينهِنْ، واشتَبَكوا مع سِرِيِّة مقاتِلينْ حوالي ميتْ شَبّْ من أحسن شباب ترشيحا، كان قائدها كمال السعيد وأكلوها اليهود منيحْ في هايْ المعركِة.. بعدين رَدّوا جماعِتنا الفِعِلْ وهجموا على جِدّينْ، ودخَلوا من الشريطْ...ساعِتها أجت أوامر من قيادِة جيش الإنقاذ بالإنسحاب، ولَما شافوا اليهود إنّو العرب مِنْسِحبين صاروا يِطُخّوا عليهِن وقتَلوا كْثيرْ منهِنْ... ومَرَّة واحد من الكيبوتس قَللي: لَما شُفنا الوضع هيك والعرب فايتين جُوّا الشريط رَفَعنا الأعلام البيضَا، بَسّْ فَجأة شُفْناهِن بِنْسِحبوا.

اللي احْتلّْ ترشيحا الزابِط اليهودي إلياهو فْريدْمَن وبِقلولو أبو علي

قلت: كيف احتلّوا ترشيحا؟.. أبو فادي: أجوا اليهود من منطقة لِمْجاهِد من قِبلي، وكان قائِد الحَملِة الزابِط اليهودي إلياهو فْريدْمَن، كان مْسَمّي حالو (أبو علي)، ومرَّّة عَزمَن إسرائيل كنت أشتْغِل بالعَمارْ التقيت مَعو بِالصُدفِة في موتْسكِن وقللي: من وينْ إنتي؟..قُلْتِلّو: من ترشيحا.. قال: أنا الضابِطْ اللي احْتَلّْ ترشيحا وفُتِتْ عليها أوَّلْ واحد...أنا فَكَّرْتو بِهيلِمْ وبِكذِبْ...بَسْ تابَع فريدْمَن وقَللي: عَشانْ تْصَدِّق .. لَما فُتِتْ عَبَلدكو، التقيت مع خوري شَبّْ أسمَراني وطويل إسمو خليل خوري، وكانْ معاه حوالي 40 خْتياري... لَما رَوَّحت قلت لأبويّْ عن هذا الزابِطْ قللي: صحيح اللي احْتلّْ ترشيحا زابِط يهودي بِقلولو أبو علي.

لَمينْ جْنادْ الفَشَكْ هاذا؟

وتابَعْ أبو فادي: لمّا احتلّوا اليهود البلد فاتوا يِفَتّْشوا لِبيوت، وأجوا فَتّشوا بْدارْنا وما لاقوا إشي، وحَطّوا على بيتنا قارْمَة مكتوب عليها (مكانْ مقدّسْ)..... قاطع فضيل خوري أخو أبو فادي بقصدْ مُساعَدْتو، غِضِبْ أبو فادي وقال: يازَلَمِة جاييكْ بِالحَكي ما تْقاطِعني.. قُلت: أخوكْ فضيل أبو سلام بِحاوِلْ يِذَكّْرك.. قال أبو فادي: أنا جاييه بِالحكي ..هو دارْ يِسَبِّقْ عَلَيّْ.. بَدّو يِخَرْبِطْني.

ضِحِكْنا كُلْنا وتابع أبو فادي مُبْتَسِماً: ثاني يوم أجوا اليهود فَتَّشوا البيت كمان مرَّة، وأطْلَعوا (جْنادْ فَشَكْ) يعني زُنّارْ مْعَبّى فَشك، اليهود كانوا يِدَوّْروا على حِجِّة عَشان يِطِلعوا أبويْ الخوري من البلد ولو لأكَمّْ سيعَة بَسْ عَشانْ يِكَمّْلوا مؤامَرِتهِنْ ويِرَحّْلوا أهل ترشيحا...قالوا اليهود لأبويْ: هذا السلاحْ وجْناد الفَشَكْ لَمينْ؟.. قللهِنْ بِغَضَبْ إنتو فَتّشتوا امبارِحْ، وجايين اليوم تْحُطّوه في بيتي وتِتِّهموني؟! .

بَذكُر ثَلاثْ ختياريِّة تْصدّوا للمطران حكيم: بُطرُسْ بشارة (أبو حنا)، ومسعود رَحْمِة (أبو نعيم)، وابراهيم ناصر سوسان (أبو نصري)

قلت: وبَعدينْ؟.. أبو فادي: مَلَقوشْ طريقَة ثانيِة، وضَغَطوا على أبويْ يطلع على مِعِليا بْشَغْلِة، مِنشانْ بْهايْ الفَترة يِسوقوا لِخْتيارِيِّة ويِطِلعوهِن من البلد. أجا المُطرانْ حكيم، وقال للناس: هذا الحَكي اللي بَدّي أحْكيه ما فيه رَجْعَة.. أسماء العائلات مْرَتَّبِة كل عيلِة على أيّْ بَلد تْروحْ..هاي عَمَجد لِكروم وهايْ عالمَكِرْ وهايْ على عكا إلى آخِرِه.. وأشارْ المطران على واحد من دار أبو عُقُصَة وقللو: إنت من دار أبو عُقصَة بَدّي أبْعَثَكْ عند قرايْبَك في معِليا... رغم إنّو هذا الزلَمِة ما بِقْربْ لعيلِة أبو عُقصَة اللي بْمِعِليا (إسِم على إسِم)... قاموا لِخْتيارِيِّة فَزّولو بِالعَكاكيزْ هاشوا عليه وقالولوا: الطريق اللي إجيتها بْتِقدَرْ تِرْجَعها.. بَدّْناشْ ايّاكْ هونْ وبَدنا نِبقى بْتَرشيحا.. بَذكُر ثَلاثْ ختياريِّة تْصدّوا للمطران حكيم: بُطرُسْ بشارة (أبو حنا)، ومسعود رَحْمِة (أبو نعيم)، وابراهيم ناصر سوسان (أبو نصري).

مَرْقَت الإيام ورِجِع المطرانْ على ترشيحا عَشانْ يِبَيِّضْ صَفِحتو.. كان في وَقتها يِجمعوا الناسْ، إللي بِقيوا في البلد يِعطوهُنْ قَسايِم، وِاللي طِلعوا من البلد ورِجعوا عليها، كانوا بَدّْهُنْ يِنفوهُنْ من البلد كمانْ مَرَّة.. أجا الحكيم كِفِلْهُنْ وأعطاهنْ هويّات حمرا مِنْشانْ يِبَيِّضْ صَفيحْتو. الناس بقيت بِترشيحا بِفضِل أبوي الخوري جبرائيل عبليني وهذولْ لِختياريِّة.

أبويْ وَصّاني ما أتْرِكْ بيتي بِسيعِة الشِدِّة

قاطع أبو سلام وقال: كَمالِة للي حكاه أبو فادي، لَمّا أجوا بَدّْهِنْ يِرَحّْلو أبويْ على معليا قللهِن: أبويْ وَصّاني ما أتْرِكْ بيتي بِسيعِة الشِدِّة....شافوا اليهود صورِة سيدي على الحيط قاموا طَخّوها، ولحد إسّا الصورَة موجودِة وقُدِحْ الرصاصْ فيها...أبو فادي: بعد معركة ترشيحا صاروا يِشَدِّدوا بالقَصفْ وْضَربْ المِدْفَعِيِّة، حتى نزلِت حَدّْنا قَذيفِة على بُعدْ سِتّْ مْتورَة، وعَفَّرَتْ علينا تْرابْ.. أبو سلام: كُنّا صْغارْ ووَقَّفنا هونْ بَرَّة، وشُفت الأزانات كيف كانت تُسقُطْ من الطيارَّة على لِبيوت تحتْ في البلد.. القصف كان على البلد مِنْ تحت وينْ التجَمُّع السكاني.. هذا المَنظَرْ ما بِنساه.. بَذْكُرْ بعِد قَصفْ الطَيّارات حياة أبويْ الخوري سِمِعْ صبيِّة تحت الرَدِمْ بِتْئِنّْ، قام طَلَّعها، وأسعَفوها، وعاشَتْ وِاتْجَوَّزَتْ وأجاها وْلادْ، وِتْوَفَّتْ قَبِلْ أكَمْ شَهِرْ بَسْ.

في الرميشْ كانت الناسْ تِشْرَبْ من البِرَكْ اللي كان الدوابْ وِالحميرْ تِشْرَبْ منها

أبو فادي: ظَلّو القصِفْ على هَالحالِة، وصارَتْ الناسْ تُهْرُبْ...إسّا كان عِنّا أكَمّْ شَبّْ بِمجموعاتْ مِسَلَّحَة، ييجوا عَلى بيتْ اللي هَرَبْ، يِكِسروا الباب ويِِطِلْعوا غراضوا بَرَّة ويِحْرَقوها، حتى الناسْ تْبَطِّلْ تُهرُبْ.. بَعدينْ مع الوقت سَقْطَتْ صَفَدْ، وبَطَّلْ في ظَهِرْ لَتَرشيحا، وشَرْدَتْ الناسْ عَلِبنانْ. أبويْ في هذاكْ الوقت بعَثني أنا وإخِوتي الاثْنينْ وإمّي على كفر سميعْ عند صاحِبْ إلنا إسمو نِعمان ناصِر (أبو سِمعانْ)، وإخِوتي لِكبارْ بَعثْهِنْ على لِبقيعَة عِند يوسِف جبران أبو داهود.. بَعدينْ وِصلَتنا الأخبار إنّو كل الناس اللي في لِبقيعَة فَلَّت عَلِبنان، قُمنا إحْنا كمان طلِعنا وحَطّينا على بِيادر الرميش.. شُرْبِة المَيّْ كُنّا نِدْفع حَقّْها مَصاري.. شوفْ عيني كانت الناسْ تِشْرَبْ من البِرَكْ اللي كان الدوابْ وِالحميرْ تِشْرَبْ منها.

في الطريق عالرميشْ وِقْعِتْ طِفْلِة صغيرِة في البيرْ وغِرْقِتْ وماتِتْ

أبو سلام: في حادْثِة في طريقْنا للرميشْ ما بِنساها... كانت ناسْ كثير راحْلِة، في عيلِة أجت تِنْشِلْ مَيّْ من بيرْ عَشانْ يِشْرَبوا من العَطَشْ، في طِفْلِة صغيرِة إلهُنْ وِقْعَت في البيرْ وغِرْقِتْ وماتِتْ..... أبو فادي: بَعدين بَعَث أبويْ دروزْ اثنين من كفر سْميع مع حَميرْهُنْ عالرميشْ وقالولْنا: يَلاّ أبوك بَعَثنا نْرَجِّعْكوا على تَرشيحا.. بَذكُر في أكَمّْ واحَد من ترشيحا بَذكُر منهُنْ:سليم بيكْ (أبو محمود)، ونعيم موسى بشارَة (أبو بسام)، سألوهُنْ: مْنِقْدر نْرَوِّحْ؟.. قالوا: كُلّْ واحد بِقْدَرْ يِرَوِّحْ عَالبيتْ.. وفِعلاً رَوَّحوا معانا، وْصِلْنا على تَرشيحا ، وشو كانت حالِة البلد بِالويلْ هَدِمْ وخَرابْ.

اللي رِجْعوا في الـ48 من لبنان بَسْ المَسيحيينْ، وِقْلالْ اللي رِجْعوا من الإسلام

أبو سلام: فات الجيش الإسرائيلي على ترشيحا وبَلَّشوا يِرحّلوا بالناس، كانوا الشيوعيين جبرائيل بشارة وأنطون بشارة إخْوِة اثْنين يِوَقّْفوا بِوجه السيّارات على أساس ما تِرحَلْ الناسْ. بَذكُر القصَة اللي حَكاها أبو فادي عن المطران حكيم سِنة 1949 ، وَقتها جبرائيل بشارَة وأبويْ بعَثوا رِسالِة للأمم المتَّحدِة، وبناء عليه أجا أمر بِسمَح لترشيحا بِعدَم الرحيل...صارْ حياة أبويْ يِبعث لأهل ترشيحا اللي فَلّوا على كسرى وكُفر سْميع ويِطْلُبْ مِنْهُنْ يِرجَعوا، وبعدينْ صارْ يِبعث للي في لبنان.. في ناسْ رِجْعِتْ، وِالواقِعْ اللي صار إنّو اللي رِجْعوا بَسْ المَسيحيينْ، وِقْلالْ اللي رِجْعوا من الإسلام، مع إنّوا بْترشيحا كانت الأكثريِّة إسلامْ.. كانت ترشيحا قبل الـ48 بِتْعِدّْ خَمِسْ تَلافْ نَسْمِة، منْهِنْ حوالي سِتْميتْ مَسيحي بَسْ وِالباقي إسلامْ.. يعني اليوم أكثر من نُصّْ سكان ترشيحا هم لاجئين من عمقا وكويكات وعرب النعيم وعرب السمنيِّة والبصَّة وسحماتا والرامِة وإقرِثْ وغيرها.. كل هذه العائلات أتت إلى بلدنا وسَكنَتْ في لِبْيوتْ الفاضْيِة اللي تَركوها أهالي ترشيحا وطِلْعوا على لبنان.

اليَوانْحَة سَحَبوا سلاحْهُنْ وِاشْتَبَكوا مع اليهود وقتلوا مِنْهُنْ كثير

قلت:الناسْ لَجْئَتْ على كفر سْميعْ وكسرى ويانوح والقرى المحيطَة؟... أبو فادي: الحَقّْ يُقال إنّو الدروزْ كان إلْهُنْ فضلْ كبير ببقاء الناس في لِبلادْ.. استَقْبَلوا الناسْ في بيوتْهُنْ، وساعدوا وأسعفوا ناسْ كثيرْ.

أبو سلام: إسمع تأحْكيلَكْ هالقِصَّة... هاذا مُختارْ جَتْ بَعَثْ مَرَّة رِسالِة لَمُختارْ يانوح، بِقولْ إنّو جايْ عِندكو فِرقِة جيشْ إسرائيلي.. إسْتَقِبْلوهُنْ بِحَرارَة وقَدّْمولْهُنْ الواجِبْ... إسّا اليَوانْحَة سَحَبوا سلاحْهُنْ وطِلعوا وِاسْتََقبلوهُنْ بْحَرارَة وِاشْتَبَكوا مع اليهود وقتلوا مِنْهُنْ كثير ، وخَيَّبوا أمل مختار جت...يعني الصحيحْ في البدايِة كانت يانوح دوسِتها سودَة عِند اليهود.

شُفنا القَتْلى من جيشْ الإنقاذ مْبَطَّحينْ عَالأرضْ وِالجاجْ يِنَقْوِدْ فيهُنْ

أبو فادي: في عَجوزْ كبيرِة إسِمها إمْ عِثمانْ الكيسْ، كانت ساكْنِة في منطِقَة لِمجاهِدْ من قِبْلِة.. كان عُمري احْدَعْشَر سِنِة، وبَذْكُرْ لَمّا كان حياة أبويْ يِبْعَثني مَرّاتْ آخُذِلْها أكِلْ.. ومَرَّة رُحْنا عِندها وفي الطريقْ في منطقة لِمجاهِد شُفنا القَتْلى من جيشْ الإنقاذ مْبَطَّحينْ عَالأرضْ، وكان الجاجْ يِنَقْوِدْ فيهُنْ..يعني منظَرْ ما بَنْساه بِحَياتي.

يا اجْرَيّاتي سَلّْموني

قلت:وكيف كان الوضع زمن الحكم العسكري؟.. أبو فادي: في مرحلِة الحُكم العسكري صُرتْ يا اجْرَيّاتي سَلّْموني...انْكَبَشتْ أربع مَرّات وانْحكَمتْ عَشان خالفتْ أوامِرْ الإقامة الجبرية وخروجي تهريب من البلد بدون تصاريح أروحْ أشْتغِلْ وأعَيِّشْ بيتي... أبو سلام: في الخمسيناتْ كان مَقَرّْ الحُكم العسكري في مِعِليا.. في الستّينات نقَلوا المقَرّْ لََموشابْ مَعونا حَدّْ مركَز البوليص (اليوم)، صار بَعِدها ممنوع علينا نِقْطَعْ شارِعْ ترشيحا معلوت ولَلشَمالْ، يَعني صار صِعِبْ عَلينا نِصَلْ مِعِليا إلاّ بْتَصريحْ.. وفَرضوا عليّْ الإقامِة الجبريِّة وكُنتْ ممنوع أفوت على الضَفِّة وغَزِّة لَفترَة طويلِة، حتى لَبَعِد ما انتَهى الحُكم العسكري.

ألّوسْتي هي التصريح تَبَعي وِبْتِحْميني

أبو فادي: كُنّا في الزَمَناتْ مْرَبّْيينْ بَقَرة مِنْشان حَليباتْها، كَنّا مْسَمّينها (غبيشي)، لأنّو كانت تْفَِلّْ دائِماً ونُقْعُدْ نْدَوِّرْ عَليها.. ومرَّة غابِتْ يومينْ على بَعِضْ، إسّا أبويْ طِلِعْ يِدَوِّرْ عليها وْوِصِلْ لَجِدّينْ، وكان وَقْتها الحُكم العَسكَري على حيلو.. وصِل هُناك ووَقَّفو البوليص وسَألو: مَعاكْ تَصريحْ؟..... قللو أبويْ: ألّوسْتي هي التصريح تَبَعي وِبْتِحْميني.... بالآخر من قَدّْ ما زْهِقْنا الْبَقَرَة (بِعْناها بْقِردْ وحارِسْ).

قبِلْ ما خَلَّصْ الجُمْلِة كَبَسْ عَالزْنادْ إلاّ هو الحارِسْ عَالدُخّانِة

قلت: وكيف كانت العلاقة بين أهالي البلد قبل الاحتلال؟.. أبو فادي: بذكُرْ في الـ48 كانوا أهل البلد المُقاتِلينْ يُحُرسوا البلد حَسَبْ وَرْدِيّاتْ.. . رُحنا نْوَدّي أكل للحارِسْ اللي قاعِدْ قْبالْ جدّينْ كانو يْقُلولوا (الشَمْعَة)، في منطِقَة إسِمها (رْويسِة لِكْنيسِة).. إسّا في واحَد مسيحي إسمو داهود خَزْنِة شْوَيّْ مِخْتَلّْ بِعَقْلو، حَطّْ البارودِة تِحْتْ ذَقْنو وقللو: كيفْ ما أقَوّْسَكْ؟.. وقبِلْ ما خَلَّصْ الجُمْلِة كَبَسْ عَالزْنادْ إلاّ هوالشَمْعَة عَالدُخّانِة.. إسّا الحارِسْ كانْ مُسلِم، وشوفْ إسلام ترشيحا قَدّيشْ كانوا أوادِمْ.. قاموا دفَنوا الشَبّْ، وحتى دَفَعوا في الدِيِّة وِتْفَهَّموا الوضِعْ.

أعطونا أرضْنا أرض بيضا حَفْرا مَفْرا ما فيها العِشْبِة الخَضْرَة

قلت: بتِحْزَن يابو فادي على أرْضْكو؟..هَزّْ راسو وقال: كان عِنّا كَرمْ زتون كبير.. حياة أبويْ كان يِفَرِّقْ زيتْ وزَتون أكثر مِما يبيعْ، صاروا اليهود كُلّْ ما نْفوتْ على الأرض يصيروا يِطُخّوا علينا بالهوا حتى يِخَوّْفونا.. حاوَلْ أبويْ يِتْشَكّى ورَفَعْ القَضيِّة للكنيسِت، لكن بِدون نَتيجِة.. بِالآخِرْ أخذوا الأرض، وأعطونا بَدالْها (أرض بيضا حَفْرا مَفْرا ما فيها العِشْبِة الخَضْرَة).. مَرَّت الأيام وِالسنينْ، وكُنت أشْتْغِل بِمليئوت ومَعي فِرْقِة عمال، وفيهِنْ واحَدْ من عرب النعيمْ سَكَنْ بَعدينْ بْتَرشيحا... أجا بِقُلّي: عِندْكُنْ زتونْ يابو فادي؟... قلتِلّو: كان عِنّا زتون وراحْ.. قال: مَيِّلْ خُذْلَكْ شْوَيِّة زتون للكَبِسْ من الزتونات اللي ضْمِنْتهِنْ... مِشي قُدّامي ، وإلاّ هو أخَذْني على كرم الزَتونْ تَبَعْنا اللي حدّْ موشاف مَعونا.. في هايْ اللحظَة وَقَّفْ شَعِر بَدَني، دِرتْ ظَهري، وسَحَبت حالي وظَلّيتني مْرَوِّحْ... نادى عَلَيّْ الزَلَمِة: مالَكْ وينْ رايِحْ.. قلتِلّو: خَلَصْ حَقّي واصِلْني.

استأذنت من أبو سلام وأبو فادي، وكان أبو سلام طول القَعْدِة يِحاوِلْ الحديثْ عن المخاطِر اللي لا تزال بِتْهدِّد مستقبل ترشيحا، وكنت أرَجْعوا دايماً إلى جِراحْ الماضي القديمْ، وقبل ما أطلَع قَللي: لازِم كل الأحزاب في البلد تِتْوَحَّد عَشان نْفِكْ الشراكِة مع معلوت الأخطبوط... قُلتِلّو: إحنا منتابع هاي القضية وبَوِعْدَكْ إنّو أتابِع قضايا ترشيحا في صحيفِتنا كل الوقت.