كحلم أبيض قصص قصيرة للأديبة غفران طحان

                             قصص قصيرة


                بقلم: غفران محمّد فوزي طحّان

إهدائي..

إلى بياض روحكَ، وهي ترنو نحوي بذاك الحبّ..إلى عطفكَ وحنانكَ..إلى رئتكَ التي تخزنُ العطفَ والرّضا..
إلى قداسةِ الدّمِ الذي منحتني إياه..لأكون..
"أبي" .. ليتها ترقى لتليق بروحك..
""
إلى بياض حضنكِ الّذي غفوت فيه ،وجمالكِ الذي ربطني بالحياة..إلى بوح العطاء في صوتكِ وحنانك..إلى صدق دعائك..ورقّة كلماتك..
"أمّي" .. ليتني أكون على قدر جمال روحك..
""
إلى هناك..حيث للشمس ، وللروح مكانٌ تغفو فيه..
كحلمٍ أبيض
""
وإلى بياض الياسمين، والمطر إذ وهبني بعضاً منه
وها أنا من غفوتي..أستفيق
لأنهمر..
""
غفران محمّد فوزي طحّان





((تأكّد...حتّى المطر عندما يفتقد الحبّ يجلد الأرض جلداً...))

عندما نتعثّر بشهقة...!!!
((أنا))...
في خضم اللّحظة...
ارتديت عباءة الصدق والصّراحة...وقلت:
((نعم ... قبلك كنت عاشقة... قد طرق هذا القلب عابر سبيلٍ فأكرمت ضيافته...))
وإذ بخيول الغيرة الوحشيّة تستفيق في عينيه... لتنهش حضوري وتغتال صوتي وصمتي...
أدام نظرته تلك... فسرت قشعريرة الخوف في جسدي، وبدأت عروقي تنتفض لتستقر مع دمائها في رأسي ووجهي...
كان قلبي يسابق الضّوء فيعزفه... وأصابعي قد أدركها الهرم باكراً فلم تقدر على حمل فنجان القهوة الّذي يشكو برده... ومذاقه المرّ سدّ المنافذ على ريقي فلم أعد أستطيع بلعه... بل أظنّه سيتدفق بعد لحظات من بين شفتيّ المرتجفتين.
((هو))...
قبل اللحظة بقليل...
كان ممسكاً يدي... وحنان الدنيا يتسرب منه إليّ...
كانت نظرته تحكي حبّاً لاينحني... فما باله ينكسر؟؟؟
حرك فنجان القهوة بارتباك عصبيّ...مصدراً كل أصوات القلق...
الآن... والآن فقط سأوقّع وصية هذا الحبّ...
فقد جاءه ملك الموت يطالب بروحه على عجل...
أدرك الآن حماقة كلمات تدفقت من شفتي لتصب على مسامع رجل شرقيّ...!!!
هو... صامتٌ... وكلّ ارتعاشةٍ من أصابعه تشي ببركان على وشك الولادة..!!!
نظرته استحالت سيوفاً تقطّع أوصالي... أشعر بدمائي تسيل... وبصوتي يخفت ويخفت...
ما الّذي حصل ففجّر كلّ هذا...!!؟؟؟
ألم يسرد عليّ منذ قليل مغامرات حبّه الطويلة!!؟؟؟
ألم يخبرني عن شفاهه الّتي امتزجت في قبلات يحرسها ليل.. ونجوم.. وقمر؟؟؟!!!
ألم تسرّ يداه بلذة الأحضان الّتي ضمتها.. واحتوتها؟؟؟
وعيناه... عيناه كم من نظرات الغواية اقترفت، خلسة وافتضاحا؟؟؟!!!
وأنا أصيخ السمع... وكلما أطلّت أفعى الغيرة كتمت على أنفاسها وكرّرت لها:
((هذا ما كان... وهو الآن ملك لي وحدي... وأنا سأغدو أميرة نسائه... وهذا الخاتم الّذي طوّق به إصبعي سيغدو تميمةً تمنع عنه كلّ زلل... صراحته هذه تزيد من سكينتي...
إذن سأبوح أنا أيضا... حتّى نترك الماضي خلفنا رماداً تبعثره النّسمات...))
ولكنّه، ومع أول كلمةٍ مني،استحال جمراً تتخطفه الرياح لتطيح بأمنٍ ظننتني أعيشه...
((هو))...
بعد اللحظة بقليل...
ارتدى ثوب المحقق... وبدأ باستنطاق حواسي...
((من هو؟؟ متى قابلته؟؟ كم سنة بقيتما معا؟؟ ما الذي حصل بينكما؟؟...))
وأنا أتعثر بحجارته تلك...
كان يلحّ... بينما أتوارى خلف دخان سجائره كمجرمٍ ارتكب أقبح الجرائم...
ومع كل إجابةٍ يزداد حدةً...
كفّه لم تعد تنبسط أبداً... بل استحالت قبضةًً يعاقب بها الطاولة أمامي حتّى صرت أتألم لكلّ وجعٍ يصيبها دوني.
بعد أن أنهيت قصّتي... كان الشّك ينهش عروقه فيتسرّب الدم منها إلى سطح جلده الأسمر:
- هل هذا كلّ شيء؟؟
- نعم ... أنت لا تصدق؟!!
- طبعاً...
- لماذا!!؟
- كم مرّة قبّلك !!؟؟ ما الذي حصل بينكما!!!؟؟؟؟ قووووولي..
وعادت الأسئلة لتتناسل... تحت اصطكاك أسنانه... التي استدعاها لتنهش في جسدي...
إننّّي الآن عارٌ عليه... والطهرالّذي ظنه عندي استحال وهما... فقلت وقد استجمعت قوتي:
- وهل صار الحب عاراً يلوّث نقاءنا؟!!
- لا تتكلمي عن النقاء...
- لماذا... وأنت ذقت كل صنوف الحبّ!!!!
- إنني رجل...
- آآآآآه... رجل !!!!! وأنا أنثى...أظنني نسيت... لا يجوز لأنثى أن تتنفس فكيف أن تعشق!!!!!
- لم أقل ذلك؟؟؟
- ما الدّاعي إذن لكلّ هذاالإعصار الّذي فجرته؟؟؟ أكان ضروريا أن أرتدي قناع الكذب حتى أظل طاهرة نقيّة!!!؟؟؟
- ......
سحقا لنا من تعساء... نحن الّذين نجمّل أنفسنا بالكذب... نأتي إليه ونحن نكتم أنفاسنا... خشية أن نتعثّر بشهقة...فيندلق الصّدق منّا دون قصد... ونفقد الكثير من جمالنا!!!
أظنني معه فقدت جمالي... ونقائي أ يضاً!!! وصرت مجرد امرأةٍ مهما قالت فهي حتماً تخفي الأقبح...
وقف فجأةً... استدار... ذهب... ثم عاد...
أخرج حلقةً كانت في إصبعه... رماها على الطاولة أمامي وقال:
((لا أستطيع العيش مع كاذبة...!!!؟؟؟))
جلست إلى الطّاولة أعتذر منها عن كذبٍ كان عليّ أن أتجمل به... لأمنع عنها ألما قبضته...
((أأأأنا))...
خارج اللحظة...
أجلس مع هو (الآخر) قابضةً بحذرعلى أنفاسي...
أسرف في تجميل نفسي...
وهو يبسط يده ليحتضن يدي والطاولة...

دائماً الأديبة غفران تجعلنا نسبح فوق السحاب بصورها الرائعة وتراكيبها التي تعربد في نشوة انتصار على الكذب وإن كانت ضريبة الحقيقة مرة . نتمنى أن نتابع بقية قصص كحلم أبيض بأسرع وقت على شبكتنا الحبيبة

دمت كالزهر يهوى الندى ومثل الشذى في رياض الجنان .

رائع آنسة غفران أنا أحد أشد المعجبين بكتاباتك فعلا عندما نقرأ قصة لك في المنتدى نقف أمامها كثيرا لأنه بين كل كلمة وكلمة آلاف المعاني المعبرة والهادفة
دائما تفرحيننا بطلاتك الجميلة من خلال أمين السر فشكراً له أيضا

كحلم أبيض قصص قصيرة للأديبة غفران طحان

كحلم أبيض قصص قصيرة للأديبة غفران طحان

رد: كحلم أبيض قصص قصيرة للأديبة غفران طحان

رد: كحلم أبيض قصص قصيرة للأديبة غفران طحان